في مؤتمر سياحي دولي بالأقصر: لقاء التاريخ بالحوار السياحي.. والإعلام بالحلم
■ *قوة الصورة الحقيقية.. كيف استعادت مصر جاذبيتها السياحية عبر شهادات الزوار؟*
□ *مكاتب الترويج السياحي بالخارج.. ضرورة استراتيجية أم رفاهية؟!*
■ *تأشيرات الدول العربية.. خطوة نحو سوق سياحي مشترك أم عائق؟!*
□ *مبادرة «عطية الله» لتنشيط السياحة تمثل زراعة الحلم في عقول صغار أوروبا.. وتحتاج إلى التكرار*
■ *الإعلام السياحي يساهم في تحسين تجربة السائح بالتقييم والرقابة على أرض الواقع*
*في مدينة الأقصر العريقة، وبين جدران التاريخ والهوية المصرية، سعدت بالمشاركة متحدثا في جلسة نقاشية ثرية ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمؤتمر السياحي الدولي «الاستدامة والتنمية والبحث المتقدم في السياحة والتراث»، للحديث عن «أهمية الإعلام في الترويج السياحي»، بإدارة الإعلامية الألقة «ريم الشافعي»، ومشاركة نخبة من قامات الإعلام السياحي العربي.*
كانت كلمتي خلال الجلسة فرصة لطرح عدة محاور تهمني على الصعيدين المهني والوطني، وأولها كيف تعاملت مصر مع أزمة السياحة التي صاحبت الأحداث الجيوسياسية الجارية في فلسطين.
وخلال تلك الجلسة، أوضحت *كيف نجحت مصر نسبيا في تقليل آثار الأزمة* بفضل التحرك السريع والمرن لوزارة السياحة وهيئة التنشيط التي أعادت قياداتها النظر في أولويات الإنفاق الدعائي، وركزت على صناعة محتوى حي، ينقل صورة واقعية من قلب الواقع السياحي المصري عبر فيديوهات صادقة لسياح حقيقيين، يتحدثون بلغاتهم عن تجربتهم داخل مصر، كانت هذه الرواية الإنسانية هي الأصدق تأثيرا، والأقوى جذبا.
وتطرقت إلى أنه *«أحيانا، فيديو واحد من سائح حقيقي وهو يصف انبهاره بتجربته، يكون أقوى من حملة دعائية كاملة»*، لأن الترويج السياحي لم يعد فقط عن الصورة الجميلة، بل عن شعور الأمان، والصدق، والانبهار الإنساني.
وأضفت أنه في الوقت الذي عانت فيه بعض الدول المجاورة للأزمة من توقف شبه تام للحركة السياحية، استطاعت مصر في عام 2023 أن تقترب من هدفها رغم الأزمة، بـ14.9 مليون سائح من أصل 15 مليون مستهدف، وهو إنجاز مهم يجب البناء عليه، لكن في العام التالي 2024 رغم تحقيقنا رقما أعلى بالوصول إلى 15.7 مليون، إلا أننا لم نبلغ المستهدف البالغ 18.5 مليون سائح، وذلك لأسباب متعددة، منها استمرار تداعيات الأزمة، وليس بسببها وحدها.
كما تحدثت عن *مكاتب هيئة تنشيط السياحة بالخارج التي أغلقت*، متسائلا عن *كيفية الترويج لمصر دون أن يكون لدينا حضور حقيقي دائم ومباشر في الدول المستهدفة*، لافتا إلى أنها ليست رفاهية بل ضرورة استراتيجية، لأنها تصنع علاقة مستمرة مع الأسواق السياحية المستهدفة، وتفهم تغيراته، وتتحرك قبله بخطوة، وغيابها يصنع فجوة، وأنه *لا يمكن أن يكون رجالات وزارة الخارجية مهما كانت عظمتهم وقدراتهم بديلا*، مؤكدا أنه حان الوقت لإعادة التفكير في إعادة فتحها بآليات تنظيمية مناسبة لظروفنا.
وتناولت *أوضاع التأشيرات بين الدول العربية*، وبينها مصر، إذا كان هناك رغبة لتحقيق حلم صناعة *سوق سياحي عربي مشترك*، منوها إلى الاحتياج إلى مزيد من التسهيلات وتبسيط الإجراءات في التنقل، كما تفعل الدول الخليجية مع بعضها البعض، لأنها ليست فقط خطوة سياحية، بل خطوة إنسانية، وثقافية، وتنموية بامتياز تعضد العلاقات بين الشعوب، فحين يشعر السائح العربي أن التنقل سهل ومتاح، سيأتي بلا تردد، ومعه عائلته، ليعود حاملا ذكرياته.
وردا على *التجربة المميزة التي نفذها الخبير السياحي الدكتور «حازم عطية الله»*، حين كان ملحقا في إحدى السفارات المصرية في أوروبا، باستهدافه تنظيم *رحلات بالمجان للطلبة والأطفال المتميزين في مدارسهم في مجال علم المصريات*، قلت أننا نحتاج إعادة التفكير في تنفيذ تلك المبادرة من خلال مسابقات تعليمية يتم تنظيمها في الدول المستهدفة سياحيا تنتهي إلى زيارات سياحية للمتفوقين، *لأن من يحلم بمصر صغيرا، سيعود إليها كبيرا، ومعه أبناؤه وأحفاده.*
كل الشكر والتقدير للدكتور *«سعيد البطوطي»*، رئيس المؤتمر، الذي نظمه المركز الدولي للتنمية المستدامة التابع لمؤسسة مصر المستقبل للتراث والتنمية والابتكار، بقيادة الدكتورة *«سهير قنديل»*، رئيس مجلس أمناء المؤسسة، والدكتور *«بدوي إسماعيل»*، الأمين العام للمؤسسة، وذلك بالتعاون مع وزارتي السياحة والآثار، والثقافة، ومحافطة الأقصر، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، ومفوضية السياحة والسفر الأوروبية، وجامعتي الأقصر وزيورخ السويسرية، بعدما حولوا المؤتمر إلى مساحة لتبادل الآراء والأفكار المتنوعة من مختلف أرجاء العالم، بحضور مميز للواء الدكتور *«خالد فودة»*، مستشار رئيس الجمهورية للتنمية المحلية، رئيس اللجنة العليا لإدارة المواقع التراثية، *وقيادات مصرية ودولية بارزة، جنبا إلى جنب مع مستثمري السياحة، وأساتذة الجامعات العربية والدولية.*
وأيضا أتوجه بالشكر والتقدير لكل الإعلاميين والصحفيين العرب المشاركين في الجلسة النقاشية التي شرفت بالمشاركة فيها متحدثا مع الأساتذة والزملاء *«رفعت فياض»* (مصر)، *و«حسين المناعي»* (الإمارات)، والدكتور *«خالد آل دغيم»* (السعودية)، والدكتور *«سلطان اليحيائي»* (سلطنة عمان)، *و«مصطفى عبدالمنعم»* (مصر).
وفي الختام، أقول: *الإعلام السياحي ليس مجرد وسيلة لنقل الصورة، بل هو شريك في صناعة الحلم السياحي، وتثبيت الانطباع، وصياغة العلاقة بين الشعوب والمكان، وتحسين تجربة السائح بالتقييم والرقابة على أرض الواقع.*

التعليقات