بقلم: سولاف احمد 

القسطنطينية، أو “دار السعادة” كما عُرفت عبر التاريخ، تُعد إحدى أروع بقاع الأرض التي تجمع بين حضارات العالم القديم. هذه المدينة، التي تقع في نقطة التقاء آسيا وأوروبا، ليست فقط مركزًا اقتصاديًا هامًا، ولكنها أيضًا القلب النابض لتركيا، حيث تعتبر إسطنبول محورًا سياحيًا مهمًا يستقبل سنويًا ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم. تشهد المدينة استقبال ما يزيد عن 13 مليون زائر سنويًا، فيما تعد تركيا الوجهة المفضلة للكثير من السائحين العرب. في عام 2023، بلغ عدد السائحين العرب إلى تركيا نحو 4.5 مليون زائر، مع توقعات بزيادة هذا الرقم في عام 2024 إلى نحو 5 ملايين زائر.

اشتهرت إسطنبول عبر التاريخ، ولعل كلمات نابليون بونابرت التي قال فيها “لو كانت الأرض دولة واحدة، لكانت إسطنبول عاصمتها” خير دليل على مكانتها العظيمة. هذه المدينة شهدت مرور عشرات الحضارات التي تركت بصمتها على ترابها، فاختلطت الأقدام من مختلف الأجناس والأعراق في أجواء مفعمة بالألفة والتسامح.

إسطنبول تتمتع بمناخ معتدل، إذ يبلغ متوسط درجة الحرارة فيها نحو 9 درجات مئوية في الشتاء، حيث تكون السماء مشمسة في أغلب الأوقات، مع احتمالية تساقط الثلوج. وتعتبر هذه الأجواء فرصة مثالية للاستمتاع بمشاهد الطبيعة الشتوية، ولعب كرات الثلج، وبناء الأكواخ الثلجية، بينما تحتسي كوبًا من الشاي التركي الشهير الذي وصل إلى مختلف قارات العالم.

لمن يعشقون التسوق، إسطنبول لا تنسى متعتهم. السوق الكبير “البازار” (Büyük çarşı) في منطقة الفاتح، والذي يعد واحدًا من أقدم وأكبر الأسواق في العالم، يضم أكثر من 4000 متجر. هذا السوق التاريخي يستقطب آلاف الزوار يوميًا، ويعتبر من أهم المعالم السياحية عالميًا.

أما لمحبي الحلويات التركية، فيتوجب عليكم زيارة “حافظ مصطفى”، الذي يعود تاريخه إلى عام 1864م. يشتهر المتجر بالبقلاوة التركية المميزة، ويستقبل الزوار في أكثر من 17 فرعًا داخل المدينة. ولا تفوتوا فرصة الاستمتاع بوجبة الإفطار في مطعم “Süreya Kahvaltı”، الذي يقدم أطباقًا شهية في أجواء مفتوحة مع المعجنات الطازجة والمشروبات المنعشة.

على الصعيد الطبيعي، حدائق إسطنبول لا مثيل لها. حديقة “إمرجيان” (Emirgan) تعد من أروع الأماكن لعشاق الزهور. تحتضن هذه الحديقة الشهيرة مهرجانات التوليب السنوية وتعرض مجموعة متنوعة من أكثر من 120 نوعًا من الأشجار والنباتات النادرة.

وعند الحديث عن المعالم التاريخية، لا يمكن إغفال قصر “طوب قابي” (Topkapı Sarayı)، الذي يُعد من أكبر قصور تركيا. بُني القصر في عام 1496م، وكان مقرًا للسلاطين العثمانيين لأربعة قرون. يحتوي القصر على 400 غرفة، ومسجدين، وتسعة حمامات، إلى جانب مقتنيات إسلامية ثمينة، مثل بردة وسيف النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ختامًا، تبقى إسطنبول، بجمالها وحضارتها العريقة، من أهم الوجهات التي تلهم العشاق والمثقفين على حد سواء. وكما قال الكاتب الفرنسي ألفونس دو لامارتين: “إذا لم يكن للمرء سوى نظرة واحدة يلقيها على العالم، لتوجب عليه أن يحدق في إسطنبول”.


مواضيع مرتبطة

التعليقات


الاستفتاء

الاكثر تفاعل

اعلان ممول


المواقع الإجتماعية

القائمة البريدية