آثارنا التاريخية.. كيف نستفيد منها؟.
لسنوات طويلة، تعرضنا لأبشع عملية تغييب عقلي، جعلتنا ـ بحجج كثيرة ـ نغفل عن كنوز حضارية نمتلكها وتنتشر في أماكن متعددة من مناطق بلادنا الغالية، لو كانت في بلد أخرى لتغنَّت بها تاريخياً، ورسمت من خلالها صورة أخرى مغايرة تماماً لتلك الصورة النمطية غير الحقيقية التي انتشرت عنَّا بفعل فاعل. وقد أذهلني حقيقةً، ما كشفه مؤخراً الدكتور أحمد العبودي الأستاذ المشارك بقسم الآثار في جامعة الملك سعود، عن وجود تكوينات مذهلة في حرّة خيبر، والتي تناقلتها وسائل إعلام عالمية عن عالم الآثار ديفيد كيندي، الأستاذ المتقاعد من جامعة ويسترن "الأسترالية، ومنها ما كتبه في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، عن تفاصيل مذهلة لم يسبق لها مثيل في 200 موقع بمنطقتي "حرات خيبر"، و"حرات عويرض" في صحراء المملكة. والقيمة التاريخية لهذه الاكتشافات الأثرية، ليس في مجرد وجودها على أرضنا فقط، ولكن لعددها الذي يقارب المليون ـ وفق كلام الدكتور العبودي ـ وربما تعود للألفية الخامسة قبل الميلاد، وهي عبارة عن مئات من الهياكل الحجرية والصخور غامضة الأشكال على حافة حقول البراكين في المنطقة، هي لبوابات موجهة للسماء، ومصائد صحراوية للغزلان على شكل طائرات ورقية، ومنها ما يشبه المثلثات وعيون الثيران وثقوب المفاتيح، وأن أقدمها، يرجع إلى ما قبل تسعة آلاف عام. وحسب ما نشره موقع "العربية نت" فقد قال كيندي، إن هذا "الكنز" يبدو صعباً، فالأسوار الصخرية، التي تمّ اكتشافها متناثرة في 400 موقع بالمملكة، لا تزال تثير حيرة علماء الآثار، الذين يعتقدون أنها تعود لأكثر من 9 آلاف سنة، وأنّ الأجداد الأوائل للقبائل البدوية، التي تعيش في تلك المنطقة، هم من قاموا ببنائها، بحسب كيندي.. كما وصف هذا "الكنز" قائلاً:" عندما نعلو مئات الأقدام أو نستخدم الأقمار الصناعية فإننا سنرى حينئذٍ الجمال المخبأ داخل تلك الصحراء". ولعلنا في رؤية 2030 الاستراتيجية، قد انتبهنا كثيراً لهذه الكنوز التي يمكن من خلالها جعل المملكة وجهة حضارية لكنوز تاريخية، تضاف إلى مجمل كنوزنا الدينية التي نتشرف بها على هذه الأرض، ويمكن بقليل من العناية والاستغلال الجيد، الترويج لها والدعاية لقيمتها، لنضيف إلى دخلنا الوطني ما يمكن أن يجعل من بلدنا قبلة للسياحتين الدينية والتاريخية. ولعلي هنا أيضاً، أثق في حنكة سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، في نشر ثقافة السياحة مبدئياً بين أجيالنا وتعريفهم بها ليدركوا كمَّ التراث الهائل التي يتمتع بها وطنهم، وكذلك التهيؤ للإعداد لخطة ترويج عالمية لما نمتلكه من كنوز تاريخية يمكن أن تنافس على صعيد التاريخ الإنساني. فقط نبدأ من الداخل السعودي، وعبر آليات تتيح لأبنائنا التعرف على الوجه والإرث التاريخي لبلدهم، ولتكن البداية من صياغة تاريخنا الحضاري في مدارسنا وجامعاتنا بشكل فاعل، إذ لسنا أقل من الآخرين. بقلم : محمد الوعيل المصدر : الرياض








التعليقات